تطرق المشرع التونسي للقسمة العقارية صلب مجلة
الحقوق العينية من خلال أحكامها المشتركة الواردة في القســم الأول من الباب الخامس تحت عنوان انقضاء الشيوع بالقسمة.
و القسمة لغة هي من قسم ، وقسم الشيء إذا جزأه
أجزاءا بين أصحاب حقوق.
اما العقار فهو كل شيء ثابت في مكانه لا يمكن نقله
منه دون تلف حسب منطوق الفصل 3 من م ح ع وهو ما أصطلح على تسميته بالعقار الطبيعي ويتجسم في الأراضي والمباني والأشجار ما دامت متصلة بالأرض حسب ما نص على ذلك الفصل 5 م ح ع .
وبالإضافة إلى العقار الطبيعي نجد صنف آخر من
العقارات وهو العقار الحكمي والعقار التبعي.
و يعتبر الشيوع سببا من اسباب اكتساب الملكية و
الشيوع هو اشتراك شخصين فأكثر في ملكية عين أو حق عيني غير مفرزة حصة كل منهم.
و تهدف القسمة إلى إنهاء حالة الشيوع وتمكين كل
شريك من منابه على حدة مع مراعاة مصلحة المشترك وإمكانية استغلال المقاسم.
وخوّل القانون التونسي للشركاء إمكانية اختيار
الطريقة التي توافق مصلحتهم في قسمة العقارات المشاعة :
اما بالاتفاق على طريقة قسمة العقــار.
اما قضائيا و ذلك بالالتجاء الى المحكمة المختصة لتحديد مصلحة كل شريك في استغلال منابه في العقار المشترك.
الاتفاق على القسمة العقارية:
خول المشرع التونسي امكانية انهاء حالة الشيوع بالاتفاق وحرية قسمة العقار المشاع حسبما يتفقون عليه.
اذ نص الفصل 116 م ح ع انه تتم القسمة بالمراضاة على حسب ما يتفق عليه الشركاء الذين لهم أهلية التصرف في حقوقهم ولا تثبت إلا بكتب.
و مع هذه الحرية اشترط المشرع شروط يجب توفرها لصحة القسمة الاتفاقية وهي:
تراضي جميع الشركاء على القسمة:
القسمة الاتفاقية او الرضائية لا تكون صحيحة إلا بحصول اتفاق جميع الشركاء عليها بدون استثناء وطالما اتجهت إرادة الشركاء إلى إنهاء حالة الشيوع بالاتفاق على طريقة القسمة التي يختارونها
وأجمع جميعهم على ذلك انعقدت القسمة صحيحة بينهم لتجسيد إرادة كل طرف في استغلال منابه مفرزا كيفما يراه صالحا و بأكثر منفعة.
ولا يتم الاتفاق إلا بتراضي المتعاقدين على أركان العقد وعلى بقية الشروط المباحة التي جعلها المتعاقدان كركن له بصريح الفصل 23 م ا ع.
وكما يجب لصحة الاتفاق خلوه من عيوب الرضا كالرضا الصادر عن غلط أو عن تغرير أو عن إكراه الذي يقبل الإبطال و لا تصح معه القسمة.
و بالتالي من أبرم قسمة طوعا واختيارا ليس له أن يطلب إفسادها.
الاهلية في التصرف:
اقتضى الفصل 116 من مجلة الحقوق العينية أن القسمة الرضائية تحصل على حسب ما يتفق عليه الشركاء الذين لهم أهلية التصرّف في حقوقهم وبالتالي القسمة الرضائية لا تصح إذا كان من بين الشركاء
غير ذي أهلية.
وجوبية الكتب :
اعتبارا ان القسمة العقارية ضربا من ضروب التفويت في العقار،اوجب المشرع ضرورة وجود كتب قانوني.
ويعني ذلك بداهة أن شرط صحة القسمة الرضائية ودليل وجودها والحجة على إثباتها بين اطرافها
لا تثبت إلا بكتب قانوني على معنى الفصل 116 من مجلة الحقوق العينية.
وقد أقتضى الفصل 423 من المجلة المدنية أنه إذا عين القانون صورة لإثبات كان بها ضرورة أن الكتابة هي شرط لصحة وإثبات القسمة بإعتبارها ضربا من ضروب التفويت في العقار تتماشى مع المبدأ
القانوني الوارد بالمجلة المدنية والذي يستلزم الكتابة لصحة عقود التفويت.
القسمة القضائية:
إن اللجوء إلى المحكمة لإسنادها مهمة قسمة
العقار المشترك يحصل في صورة عدم اتفاق الشركاء فيما بينهم على إجراء القسمة الاتفاقية أو أجمعوا على القسمة الاتفاقية إلا انه تعذّر إتمامها لوجود عيب مبطل لانعقادها.
اذ اقتضت أحكام الفصل 119 من مجلة الحقوق العينية أن المحكمة تتولي ضبط نصيب كل شريك وفرز ما يمكن أن يمتاز به من الأعيان المشتركة مراعية في ذلك مصلحة المشترك والشركاء وإمكانية استغلال
كل مناب مفرز بأكثر منفعة وأن تعذر تمييز كل شريك بكامل منابه عينا فيقدر له مبلغ من النقود لتعديل القسمة.
و تطبيقا للنص المذكور فان القسمة القضائية لا تكون إلا بتوفر شروطه
هي التالية:
- ان تشمل كافة الشركاء المراد قسمته.
- ان يكون المشترك قابلا للقسمة بصورة تمكن من ضبط نصيب كل شريك وفرز ما يمكن أن
يمتاز به من الأعيان المشتركة كل ذلك مع مراعاة مصلحة المشترك بأن يكون قابلا للقسمة بدون فساد والشركاء في إمكانية الانتفاع بالمناب المفرز بالقسمة بأكثر منفعة كل ذلك مع التعديل
والتقويم.
و تقضي المحكمة المختصة بالنظر في القسمة القضائية اما بالقسمة و فرز مناب كل شريك على حدة حسب الاختبار
المجرى على العقار او بتصفيق العقار حال تعذر قسمة العقار المشترك عينا أو كان من شأنها إحداث نقص كبير في قيمة المشترك.